القضاة يجددون رفضهم “لاستهداف القضاء وجعله مجرّد وظيفة”
جدّد القضاة رفضهم لكلّ الإجراءات التي استهدفت القضاء ونزعت منه صبغة السلطة المستقلّة وجعلته مجرّد وظيفة، في تبعية كاملة للسلطة التنفيذية، بما يشلّ من قدرته على حماية الحقوق والحريات وفي الاضطلاع بدوره في تأمين المحاكمة العادلة، مثلما تقتضيه مقوّمات دولة القانون في المجتمع الديمقراطي.
وجاء في لائحة صادرة عن المجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين، المنعقد اليوم السبت بنادي سكرة، أنّ اجتماع القضاة يأتي “في هذا الظرف الدقيق من الأزمة المتواصلة التي عصفت بكلّ مكتسبات السلطة القضائية واستقلاليتها، ومن نتائجها تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء، في ظل جو خطير من هرسلة القضاة وتهديدهم”.
واعتبر المجلس الوطني للقضاة، أنّ “عدم اذعان السلطة التنفيذية للأحكام القضائية الصادرة عن المحكمة الإدارية منذ شهر أوت 2022 لفائدة 49 من القضاة المشمولين بأمر الاعفاء من طرف رئيس الحمهورية منذ 1 جوان 2022، يعد خرقا صارخا للقانون والتزامات الدولة التونسية باحترام استقلال القضاء وأحكامه”.
ودعوا رؤساء الدوائر القضائية بالمحكمة الإدارية المتعهدين بالنظر في دعاوى القضاة المعفيين، إلى الإسراع في البتّ فيها في كنف الحياد والاستقلالية المعهودة لديهم، مسجلين “ارتكاب جملة من الخروقات القانونية والإجرائية الجسيمة في ملفات القضاة المعفيين من قبل عدد من قضاة النيابة العمومية تحت سلطة وتعليمات وزيرة العدل والتي تعكس إصرارا على استهدافهم والتنكيل بهم ونزع الضمانات القانونية عنهم”.
وعبّروا عن مساندتهم المطلقة لزملائهم المعفيين، وفوضوا المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين لتحديد أشكال وتوقيت التحركات المناسبة تبعا للقرارات التي ستتخذها هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين، كما فوضوه لاتخاذ القرارات والأشكال النضالية المناسبة بحسب تطور الأوضاع.
وجدّد القضاة في لائحة مجلسهم الوطني، استنكارهم عدم الإعلان عن الحركة القضائية لسنة 2022/2023 إلى حدّ اليوم “في سابقة خطيرة في تاريخ القضاء التونسي وما انجر عن ذلك من حرمان القضاة من حقهم في النقلة والترقية وتولي الخطط القضائية، في تجاهل تام لحقوقهم المهنية والمادية وتعطيل سدّ الشغورات بالمحاكم، مما أثر سلبا على حقوق المتقاضين وحرياتهم وعلى حسن البت في القضايا في الآجال المعقولة، في ظل غياب أية معلومة رسمية مؤسّسية حول أسباب عدم إصدار الحركة القضائية في موعدها”.
كما جدّدوا رفضهم المطلق ما اعتبروه “تعمّد وزارة العدل التدخّل في عمل النيابة العمومية في عديد المحاكم وتوجيه أعمالها، بشكل غير مشروع، في استحواذ خطير على صلاحيات السلطة القضائية وبسط هيمنتها عليها، في ظل مناخ من التهديد والترهيب”.
وطالبوا المجلس الأعلى للقضاء المؤقت بإصدار التوضيحات المستوجبة ممّا يحصل وإبداء موقف من ذلك، وإصدار مشروع الحركة القضائية لسنة 2023-2024 في وقت مبكّر بما يمكّن القضاة من التمتّع بحقوقهم في الترقية والنقلة وتقلّد الخطط القضائية وسدّ الشغورات، وفقا للمعايير القانونية ودون تمييز وإدراج القضاة المعفيين في الحركة، تنفيذا لأحكام المحكمة الإدارية.
واستنكر القضاة التأخير الكبير في تسمية الرئيس الأول لمحكمة المحاسبات وما لذلك من تداعيات على حسن سير المحكمة وممارستها لوظائفها الرقابية والقضائية على حسن التصرف في المال العام.
كما دعوا إلى إعادة بناء مقومات السلطة القضائية ومؤسساتها المستقلة ويطالبون بوضع الآليات الكفيلة بحماية القضاة في هذه الظروف من الضغوطات والتهديدات المتزايدة، استبقاء على دورهم في حماية الحقوق والحريات.